تعتبر الألفة السیاسیة من أبرز المفاهیم السیاسیة المنبثقة من القرآن الکریم، ومن أهم الأهداف التی یتطلع الإسلام لتحقیقها فی المجتمعات السیاسیة، ومن أعظم النعم الإلهیة والمعطیات الإسلامیة التی تحققت بجهود النبی الأعظم(ص) بین أبناء المجتمع الجاهلی فی صدر الإسلام. إنَّ مفهوم الألفة السیاسیة یتحقق عندما تتقارب القلوب، وفی مثل هذه الحالة تکون التعالیم الدینیة القائمة على أساس القرآن الکریم أفضل وسیلة لإیجاد الألفة وارتباط القلوب. وکان رسول الله(ص) الواسطة لهذه التعالیم والأمین علیها والمبعوث بها من قبل الله تعالى، عن طریق الوحی الإلهی المتمثل بالقرآن الکریم، فالرسول(ص) یبلغ رسالات الله، والله تعالى یسدده، قال تعالى: «وَاتَّبِعْ مَا یُوحَى إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرًا وَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ وَکَفَى بِاللَّهِ وَکِیلًا» ومن مصادیق ذلک الألفة السیاسیة التی تحققت بین قبیلتی الأوس والخزرج على یدی النبی(ص) وکان له الدور الکبیر فیها بتسدید من الله تعالى، قال سبحانه: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِیعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْکُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً» أما ضرورة التعرُّض لهذا الموضوع فهی تکمن فی کون الألفة السیاسیة من أهم السبل للوصول إلى المجتمع السیاسی المطلوب وتحقیق السلام العالمی؛ لأنَّ الألفة السیاسیة من جملة أسباب الأمن والطمأنینة فی المجتمع. وبما أنَّنا نتمکن من تناول هذا الموضوع من وجهة نظر عصریة، یمکن أن یکون القرآن الکریم وما حققه النبی الأعظم(ص) فی هذا المجال نموذجاً مناسباً للبحث فیه.أنَّنا نحاول فی هذا المقال أن نبحث حول الألفة السیاسیة التی تحققت بجهود النبی(ص) ودورها فی تحقیق السلام العالمی من خلال الأسلوب الوصفی التحلیلی، والمدعى هو أنَّ لهذه الألفة السیاسیة دوراً کبیراً فی تحقیق ذلک.